کد مطلب:109804 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:149

خطبه 086-موعظه یاران











ومن خطبة له علیه السلام

وهی فی بیان صفات المتقین وصفات الفساق والتنبیه إلی مكان العترة الطیبة والظن الخاطیء لبعض الناس

عِبَادَ اللهِ، إِنَّ مِنْ أَحَبِّ عِبَادِ اللهِ إِلَیْهِ عَبْداً أَعَانَهُ اللهُ عَلَی نَفْسِهِ، فَاسْتَشْعَرَ الْحُزْنَ، وَتَجَلْبَبَ الْخَوْفَ، فَزَهَرَ مِصْبَاحُ الْهُدَی فِی قَلْبِهِ، وَأَعَدَّ الْقِرَی لِیَوْمِهِ النَّازِلِ بِهِ، فَقَرَّبَ عَلَی نَفْسِهِ الْبَعِیدَ، وَهَوَّنَ الشَّدِیدَ، نَظَرَ فَأَبْصَرَ، وَذَكَرَ فَاسْتَكْثَرَ، وَارْتَوَی مِنْ عَذْبٍ فُرَاتٍ سُهِّلَتْ لَهُ مَوَارِدُهُ، فَشَرِبَ نَهَلاً، وَسَلَكَ سَبِیلاً جَدَداً. قَدْ خَلَعَ سَرَابِیلَ الشَّهَوَاتِ، وَتَخَلَّی مِنَ الْهُمُومِ، إِلاَّ هَمّاً وَاحِداً انْفَرَدَ بِهِ، فَخَرَجَ مِنْ صِفَةِ الْعَمَی، وَمُشَارَكَةِ أَهْلِ الْهَوَی، وَصَارَ مِنْ مَفَاتِیحِ أَبْوَابِ الْهُدَی، وَمَغَالِیقِ أَبْوَابِ الرَّدَی. قَدْ أبْصَرَ طَرِیقَهُ، وَسَلَكَ سَبِیلَهُ، وَعَرَفَ مَنَارَهُ، وَقَطَعَ غِمَارَهُ (6)، وَاسْتَمْسَكَ مِنَ الْعُرَی بِأَوْثَقِهَا، وَمِنَ الْحِبَالِ بِأَمْتَنِهَا، فَهُوَ مِنَ الْیَقِینِ عَلَی مِثْلِ ضَوْءِ الشَّمْسِ، قَدْ نَصَبَ نَفْسَهُ للهِ ـ سُبْحَانَهُ ـ فِی أَرْفَعِ الْأُمُورِ، مِنْ إِصْدَارِ كُلِّ وَارِدٍ عَلَیْهِ، وَتَصْیِیرِ كُلِّ فَرْعٍ إِلی أَصْلِهِ. مِصْبَاحُ ظُلُمَاتٍ، كَشَّافُ عَشَوَاتٍ، مِفْتَاحُ مُبْهَمَاتٍ، دَفَّاعُ مُعْضِلاَتٍ، دَلِیلُ فَلَوَاتٍ، یَقُولُ فَیُفْهِمُ، وَیَسْكُتُ فَیَسْلَمُ. قَدْ أَخْلَصَ للهِ فَاسْتَخْلَصَهُ، فَهُوَ مِنْ مَعَادِنِ دِینِهِ، وَأَوْتَادِ أَرْضِهِ. قَدْ أَلْزَمَ نَفْسَهُ الْعَدْلَ، فَكَانَ أَوَّلَ عَدْلِهِ نَفْیُ الْهَوَی عَنْ نَفْسِهِ، یَصِفُ الْحَقَّ وَیَعْمَلُ بِهِ، لاَ یَدَعُ لِلْخَیْرِ غَایَةً إِلاَّ أَمَّهَا، وَلاَ مَظِنَّةً إِلاَّ قَصَدَهَا، قَدْ أَمْكَنَ الْكِتَابَ مِنْ زِمَامِهِ، فَهُوَ قَائِدُهُ وَإِمَامُهُ، یَحُلُّ حَیْثُ حَلَّ ثَقَلُهُ، وَیَنْزِلُ حَیْثُ كَانَ مَنْزِلُهُ.

صفات الفساق

وَآخَرُ قَدْ تَسَمَّی عَالمِاً وَلَیْسَ بِهِ، فَاقْتَبَسَ جَهَائِلَ مِنْ جُهَّالٍ وَأَضَالِیلَ مِنْ ضُلاَّلٍ، وَنَصَبَ لِلنَّاسِ أَشْرَاكاً مِنْ حبالِ غُرُورٍ، وَقَوْلِ زُورٍ، قَدْ حَمَلَ الْكِتَابَ عَلَی آرَائِهِ، وَعَطَفَ الْحَقَّ عَلی أَهْوَائِهِ، یُؤْمِنُ مِنَ الْعَظَائِمِ، وَیُهَوِّنُ كَبِیرَ الْجَرَائِمِ، یَقُولُ: أَقِفُ عِنْدَ الشُّبُهَاتِ، وَفِیهَا وَقَعَ، وَیَقُولُ: أَعْتَزِلُ الْبِدَعَ، وَبَیْنَهَا اضْطَجَعَ، فَالصُّورَةُ صُورَةُ إِنْسَانٍ، وَالْقَلْبُ قَلْبُ حَیَوَانٍ، لاَ یَعْرِفُ بَابَ الْهُدَی فَیَتَّبِعَهُ، وَلاَ بَابَ الْعَمَی فیَصُدَّ عَنْهُ، وَذلِكَ مَیِّتُ الْأَحْیَاءَ!

عترة النبی

(فَأَیْنَ تَذْهَبُونَ)؟ و (أَنَّی تُؤْفَكُونَ) ! وَالْأَعْلاَمُ قَائِمَةٌ،وَالْأَیَاتُ وَاضِحَةٌ، وَالْمَنَارُ

مَنْصُوبَةٌ، فَأَیْنَ یُتَاهُ بِكُمْ ؟ وَكَیْفَ تَعْمَهُونَ وَبَیْنَكُمْ عِتْرَةُ نَبِیِّكُمْ؟ وَهُمْ أَزِمَّةُ الْحَقِّ، وَ أَعَلَامُ الدَیْنِ! وَأَلْسِنَةُ الصِّدْقِ! فأَنْزِلُوهُمْ بِأَحْسَنِ مَنَازِلِ القُرْآنِ، وَرِدُوهُمْ وُرُودَ الْهِیمِ الْعِطَاشِ. أَیُّهَا النَّاسُ، خُذُوهَا عَنْ خَاتَمِ النَّبِیِّینَ صَلَّی اللهُ عَلَیْهِ وَآلِهِ وَ سَلَّمَ: «إِنَّهُ یَمُوتُ مَنْ مَاتَ مِنَّا وَلَیْسَ بِمَیِّت، وَیَبْلَی مَنْ بَلِیَ مِنَّا وَلَیْسَ بِبَال»، فَلاَ تَقُولُوا بِمَا لاَتَعْرِفُونَ، فَإنَّ أَكْثَرَ الْحَقِّ فِیَما تُنْكِرُونَ، وَاعْذِرُوا مَنْ لاَ حُجَّةَ لَكُمْ عَلَیْهِ ـ وَ أَنَا هُوَ ـ أَلَمْ أَعْمَلْ فِیكُمْ بِالثَّقَلِ الْأَكْبَرِ ! وَأَتْرُكْ فِیكُمُ الثَّقَلَ الْأَصْغَرَ! قَدْ رَكَزْتُ فِیكُمْ رَایَةَ الْإَیمَانِ، وَوَقَفْتُكُمْ عَلَی حُدُودِ الْحَلاَلِ وَالْحَرَامِ، وَأَلْبَسْتُكُمُ الْعَافِیَةَ مِنْ عَدْلِی، وَفَرَشْتُكُمُ المَعْرُوفَ مِنْ قَوْلی وَفِعْلی، وَأَرَیْتُكُمْ كَرَائِمَ الْأَخْلاَقِ مِنْ نَفْسِی؟ فَلاَ تَسْتَعْمِلُوا الرَّأْیَ فِیَما لاَ یُدْرِكُ قَعْرَهُ الْبَصَرُ، وَلاَ تَتَغَلْغَلُ إِلَیْهِ الْفِكَرُ.

الظنّ الخاطئ

ومنها: حَتَّی یَظُنَّ الظَّانُّ أَنَّ الدُّنْیَا مَعْقُولَةٌ عَلَی بَنِی أُمَیَّةَ، تَمْنَحُهُمْ دَرَّهَا، وَتُورِدُهُمْ صَفْوَهَا، وَلاَ یُرْفَعُ عَنْ هذِهِ الْأُمَّةِ سَوْطُهَا وَلاَ سَیْفُهَا، وَكَذَبَ الظَّانُّ لِذلِكَ. بَلْ هِیَ مَجَّةٌ مِنْ لَذِیذِ الْعَیْشِ یَتَطَعَّمُونَهَا بُرْهَةً، ثُمَّ یَلْفِظُونَهَا جُمْلَةً!